بسم الله الرحمن الرحيم
ميادينُ المعاركِ اليوم متعددةٌ، ليستْ كلّ المعارك سلاحُها البارودُ، هناك معاركُ سلاحُها أَفْتكُ مِن البارودِ، وضحاياها أكثرُ سقوطًا في الميادينِ، بالآلاف، وربما الملايين.
معاركُ في الإعلامِ بتزييف الحقائقِ، وتزوير الكلام، وزرعِ الفتن، وتضليلِ الرأي العام، على نحوِ ما كانت تفعل - أو ربّما لا تزال - قنواتُ شاكير وحمزة، تمامًا لم تختلفْ هذهِ عن تلك؛ لِخدمةِ أهدافٍ دنيئةٍ، ومآربَ خسيسةٍ، أُذَكِّر أصحابَ هذهِ القنواتِ؛ مِن مديرينَ راسمينَ لِسياسَتها، ومُحلّلينَ ومراسلِينَ ومُذيعينَ عبرَ شاشاتِها، أُذَكّرُهم جمِيعًا بقول الله تبارك وتعالى (ويْلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتٓكم بعذاب وقد خاب مٓن افترى) وأذكرهم - وهم مُقبِلونَ على شهرِ الصّومِ - بقولِ النبيّ صلى الله عليه وسلم: (مَن لمْ يدَعْ قولَ الزورِ، والعملَ به، فليسَ لله حاجةٌ في أنْ يدَعَ طعامَه وشَرابَه).
معاركُ أخرَى، تُدارُ وتُحاكُ فِي دَهاليزِ السياسَةِ، بالخديعَةِ وضخِّ الأموالِ؛ لشراءِ الذِّمَم، والكيدِ والمكرِ بالأمّةِ، وتقويضِ أركانِ الدولةِ؛ للوصولِ بها إلى الفشلِ والإحباطِ، وهؤُلاءِ أُذكرُهُم بقولِ اللهِ تبارك وتعالى: (وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ)، وبقوله عز وجل : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ).
معاركُ ثالثةٌ ورابعةٌ، علَى المالِ والاقتصادِ، بتدميرِهِ ونهبِهِ وسرقةِ أموالِهِ وتلويثِهِ؛ حتّى لا يصلَ منه الناسُ إلى لقمَة الحلالِ، ومعارك على المناصبِ والتقاتل عليها، استيلاء على السلطة، وسلبا للمال، وهؤلاء أُذكّرهم بقول الله تبارك وتعالى: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ).
كلّ هذهِ المعارك ونحوها، واجبُ الغيورين من الأمة على وطنهم التصدّي لَها دون تردد؛ وأن يمضوا في الطريق الذي اختاروه أُمَناء، ولمن سبقهم عليه أوفياءَ بالوعد، وكما كانوا على العهد، لا يلتفتوا إلى المترددين والمرجفيين، ولا إلى حملات الإعلام وقنواته الفضائية الممنهجة، التي فٓرّغ فيها أصحابُها أنفسهم لتزييف الحقائق، وقلب المفاهيم، وغسل الأدمغة، وشيطنة الثورة،
هي معارك، وليست معركة، وعُدّة النصرِ في كل معركة، بالسلاح أو بالكلمة، هي هي.
1- إخلاصُ النيةِ للهِ، والاستعانةُ بهِ، والتوكّلُ والاعتمادُ عليهِ.
2- الثباتُ، وعدمُ التردّدِ في بلوغِ الهدفِ.
3- الصبرُ بعد الثباتِ، وليسَ الثباتُ في البدءِ ثمّ الضجرُ، قبلَ أن يتحققِ النّصرِ.
4- نبذُ الخلافِ والفرقةِ؛ فالنزاعُ هو الفشل، هذه الأربعة للنصر ذكرها القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبدالرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
السبت 9 شعبان 1435 هـ
الموافق 7 يونيو 2014 م