هل ينتقض الوضوء بأكل لحم الجزور (الإبل)؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
لا ينتقض الوضوء بأكل ما مسته النار، سواء كان لحم جزور أو غيره، في قول جمهور فقهاء المالكية والحنفية والشافعية في الراجح عندهم، وأحد القولين عند الحنابلة، قال عنه في الإنصاف: واختاره الشيخ تقي الدين ـ يعني ابن تيمية ـ، وهو قول جمع من الصحابة، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي طلحة وأبي الدرداء وابن عباس، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيح: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)، (البخاري مع فتح الباري 1/323). ولحديث جابر رضي الله عنه، قال: (كَانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكُ الوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ)، (أبو داود 1/49، وابن حبان 3/416، وانظر تلخيص الحبير 1/116). وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الوُضُوءُ مما يَخْرُجُ وَلَيْسَ مِمَّا يَدْخُلُ)، (سنن الدارقطني 1/151، وقال البيهقي: لا يثبت مرفوعا وروى موقوفا عن ابن عباس وهو أصح ، انظر الذيل على سنن الدارقطني 1/151) . والقول الآخر ينتقض الوضوء بلحم الجزور، وهو الراجح عند الحنابلة، والقديم عند الشافعية المرجوح، لحديث جابر بن سمرة عند مسلم أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ ، قَالَ : إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ ، وَإِنْ شِئْتَ فَلا تَوَضَّأْ ، قَالَ : أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ ، قَالَ : نَعَمْ فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ) (مسلم حديث رقم 360)، وانتصر ابن تيمية لمذهب الحنابلة في عدم القول بنسخ حديث جابر، لكن كأنه حمل الأمر فيه بالوضوء من لحم الإبل على الاستحباب، فقال في فتاويه الكبرى: (ويستحب الوضوء من أكل لحم الإبل)، والوضوء من أكل لحم الجزور مروي عن جماعة من الصحابة منهم زيد بن ثابت وابن عمر وأبي موسى وأبي هريرة وعائشة، (انظر بدائع الصنائع 1/32 ، والمجموع 2/56 ، والإنصاف 1/216 ، والفتاوى الكبرى 5/306، والمغني 1/187) .
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
شوهدت 11640 مرة