بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين سيدي الفاضل السلام عليكم
نظرا لتعقد هذه المسالة التي نعاني منها منذ ثلاثين عاما (1979 مسيحي) فإننا نأمل منكم النظر فيها من كل الجوانب وسوف أكون صادقا ومفصلا لكل جوانب هذه المسالة وهي كالتالي:
امتلك جد والدي منذ أكثر من مائة عام ارض بمساحة 200 هكتار بمنطقة بدوا أهلها شديدي المراس (ما يعرف بالأعراب) ولم يكن هو من أهل هذه المنطقة، وعندما اشترى الأرض نصحه بعض الناس بان يعطي نصف هذه الأرض إلى جيرانه البدو لكي يحافظوا على النصف الآخر وتكون هناك نوع من المودة (الأرض مقابل السلام)، وتم ذلك. بقيت هذه الأرض هي وكل الأراضي بالمنطقة الشرقية وهي من أخصب المناطق بليبيا أراضي بور تكسوها الغابات ولم تكن منها استفادة تذكر إلا برعي بعض المواشي بين تلك الغابات. قامت الدولة في أواخر السبعينيات بنزع ملكية هذه الأراضي واستصلاحها وتقسيمها إلي مزارع نموذجية بكل مزرعة منزل جديد وآلات زراعية جديدة وسياج، وفي بعض الأحيان حيوانات مزرعة، وتتراوح مساحاتها بين الأربعين والثمانين هكتار حسب موقع كل مشروع والغرض منه. ولكي تكون الدولة منصفة من وجهة نظرها قامت بمسح اجتماعي لملاك الأراضي الأصليين وقامت بتوزيع هذه المزارع على المواطنين كل حسب أكثرية ما يملكه من الأرض الأصلية، أي انه إذا كان مجموعة من أبناء العمومة يتقاسمون التملك في المزرعة التي مساحتها 45 هكتارا ولكن كان نصيب احدهم مثلا أكثر بقليل من البقية يقع عليه الاختيار ويسجل الذي بعده في الأسبقية في حالة تركها الأول أو اخل بعقد الانتفاع (كل المستفيدين من المزارع الآن لديهم حق انتفاع فقط وملكية الأرض للدولة الليبية). بالنظر إلى الظلم الذي لحق ببعض الناس بسبب هذا المشروع الكبير إلا انه عاد على الدولة بفائدة كبيرة حيث أصبحت هذه المزارع مصدر مهم لجميع الخضروات والفواكه والحبوب والذي يشمل منطقة الجبل الأخضر بالمنطقة الشرقية بالكامل أي من حدود مدينة بنغازي شرقا إلى حدود مدينة طبرق غربا أي بمساحة تفوق مساحة دولة الكويت وهذا بالمنطقة الشرقية فقط وتوجد غيرها بالمنطقة الغربية أيضا على حد علمي.
سيدي الفاضل بعد هذه المقدمة الطويلة عن ماهية المشروع ولكي تكون لديك الصورة الكاملة تقريبا لكي تفتينا فانه كان الآتي:
1. والدي تحصل على حق انتفاع لأحد هذه المزارع مساحتها حوالي 45 هكتارا والتي هي جزء من الأرض التي كان يمتلكها جده والتي نزعت الدولة ملكيتها.
2. اثنان من أبناء عمومة والدي احدهما تنازل عن حق الانتفاع (وهو الذي يمتلك وأخواته النصيب الأكبر) ولم يرغب في تعريض أبنائه للأذى من الأعراب، والثاني تحصل على 17 هكتار وباعها، أما عمي الوحيد لم يرغب في أن يأخذ مزرعة هو الآخر وذلك لخوفه من أن يجبر على ترك الوظيفة الحكومية، ولم يبقى إلا عماتي اللاتي لطالما أردنا نصيبهن من الأرض والتي لا حول لأحد في استرجاعها من الدولة.
3. تخللت هذه الأرض طرق زراعية ووقع الجزء الأكبر منها لدى قبائل أخرى لم ترغب في إجراء تسوية ولا تسمح حتى بوجود مهندسي المساحة خوفا من تقسيم الأرض، حيث حدثت حوادث قتل ونزاع شديد بين بعض القبائل في السابق.
4. بقي من ارض العائلة مساحة 10 هكتار تقريبا خارج مخطط المشروع لم يستطع احد من أفراد العائلة الانتفاع بها خوفا من الصدام مع قبائل البدو هناك وكذلك هو حالهم جميعا لا يعينونا في مشاكلنا مع البدو.
5. تمنع الدولة البيع أو تقسيم الأرض رسميا ولكنها تغض النظر إذا تم هذا الأمر عرفيا وبدون مشاكل.
6. حمَّلت الدولة كل المستفيدين من حقوق الانتفاع بهذه المزارع قرضا يبلغ 40 ألف دينار في حالة سدادها تسجل الأرض باسم المستفيد من حق الانتفاع وله الحق بالتصرف فيها.
7. سمعنا في الآونة الأخيرة بان الدولة تقوم بتعويض أصحاب الأراضي المنزوعة الملكية فذهبنا إلى المحامي وأرشدنا إلى الطريقة وذهبنا إلى محرر العقود وأرشدنا عن كيفية إجراء توكيل لأحد الورثة وذهبنا إلى الورثة وأخبرناهم بالأمر و ألحينا عليهم أكثر من مرة بإنهاء هذا الموضوع ولكن لا حياة لمن تنادي.
8. عرضنا عليهم بان نبيع الأرض كلها بما فيها المزرعة التي عندنا ولكن لا حياة لمن تنادي أيضا، والحقيقة انه من ذا الذي يشتري ارض لا تقع تحت نطاق مزرعته الممنوحة له من الدولة.
سيدي الفاضل نأمل منك أن تفتــونا بكيفية التصرف بهذه المزرعة:
1. هل ما نجنيه منها حلالا في حالة بقى الحال على ما هو عليه.
2. هل نتنازل عنها للدولة وبذلك يضيع آخر جزء بقي من ارض العائلة إلى القبائل الأخرى.
3. في حالة رغبتنا في شراء نصيب باقي أفراد العائلة هل نسدد لهم مما نجنيه من المزرعة حيث انه لا دخل لنا غيرها إلا المرتب البسيط.
4. أبناء عمومتنا الذين تنازلوا عن المزرعة أصلا للدولة كما أسلفنا، وأبناء عمومتنا الذين باعوا السبعة عشر هكتارا هل مازال لهم الحق في الأرض؟
5. نظرا لبقائنا فيها ما يزيد عن ثلاثين سنة من الجهاد للحفاظ عليها مع أنها لا تأتي إلا بالشيء اليسير سنويا، ولان هذه الإشكالية خلقتها الدولة ولا تستطيع احد حلها إلا هي، هل يجوز لنا بيع حق الانتفاع بالمزرعة على ما هي عليه (خلو رجل يعني)؟
6. لا نعلم الآن بالتحديد مساحة الأرض المتبقية بعد إنشاء الطرق الزراعية مع عدم إمكانية إحضار مهندسي المساحة كما سبق الذكر آنفاً.
سيدي الفاضل نأمل منك التمعن في هذه المسألة جيدا نظرا لتشعب الأمور بها ونرجو منكم عدم التردد في السؤال عن أي شيء غير مفهوم مع أنني أطلت الشرح على حد علمي. مع العلم أن فتواكم سوف يترتب عليها ثمرة ثلاثين عاما من الجهاد الفعلي والتعرض للخطر والمشاكل. ولكم جزيل الشكر والامتنان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
الواجب أولا أن تقسموا الأرض التي هي في حوزة عائلتكم جميعا عن طريق عقود الانتفاع من الدولة على فريضة جدك الذي اشترى الأرض فمن كان منكم في حوزته مقدار ما صح له من الفريضة أو أقل فهو حقه يجوز له التصرف فيه بكل وجه من وجوه التصرفات البيع أو غيره، ومن كان في حوزته أكثر من حقه في الفريضة فعليه أن يرده على من نقص حقه منها أو يشتريه منه ومن باع شيئا في السابق من هذه الأرض يحسب له ضمن نصيبه وبذلك تصل الحقوق إلى أصحابها.
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
شوهدت 10891 مرة