شيخي الكريم السلام عليكم ورحمة الله. أشكلت علي مسألة، وهي أن جمعا من علماء المذهب من أمثال ابن عبد السلام والمقري وابن فرحون وابن ناظم العاصمية ذهبوا إلى أن القول المخرج في المذهب لا يعتد به، ولا يقلده العامي، ولا ينصره الفقيه، ولا يحكم به الحاكم، ورأوا أنه يؤخذ تفقها لا فقها، فلا تعويل عليه في فتوى ولا قضاء؛ في حين رأى جمع آخر من علماء المذهب من أمثال ابن رشد وابن عرفة ـ صحته متى توفر شرطه، وهو عدم الفرق بين المخرَّج والمخرج عليه، والناظر في كتب المذهب بدءا من ابن القاسم فمن بعده يجد التخريج هو الطاغي على فقههم، وقد كان من جواب ابن القاسم لسحنون في بعض مسائله: لم أسمع من مالك فيها شيئا، وقال في مسألة كذا كذا وكذا، ولا أرى مسألتك إلا مثلها؛ أفليس هذا تخريجا؟! بل كتب أصول الفقه طافحة بالحديث عن التخريج عند حديثهم عن عمل مجتهد المذهب، وأنه من يخرج الأحكام على أصول الإمام وفروعه. فهل اعتراض هؤلاء العلماء على تخريج المتأخرين، لعدم صدوره في رأيهم من أهله ووقوعه في محله،أي لفقدان شرطه، أم ماذا؟ أرجو أن تبينوا لي المسألة فقد أشكل عليَّ الجواب عنها. والله الكريم أسأل وبمحبة رسوله وصحبه أتوسل في أن يتولاكم بحفظه وعنايته، ويديم عليكم نعمة التوفبق والسداد، وأن يجري الحق على لسانكم، والحمد لله رب العالمين.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
التخريج هو ضرب من القياس فمن يقول بحجية القياس لا يسعه إلا أن يقول بالتخريج وكما ذكرتم التخريج شائع في كتب المالكية وعن شيوخهم من لدن ابن القاسم وابن رشد وهلم جرا بل إن ابن رشد في المقدمات يرى أنه يمكن التخريج عن التخريج نفسه بمعنى القياس على المقيس وهو الفرع الذي ثبت التحاقه بالأصل وكما أن القياس له قوادح في العلة تمنع صحته ولا يقبل ممن لا يحسنه فكذلك التخريج تلحقه القوادح والظاهر أن هذا هو محمل كلام المتأخرين من أمثال ابن عبد السلام والمقري الذين ذهبوا إلى أن القول المخرج في المذهب لا يعتد به.
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
شوهدت 10616 مرة